تحالف الجميع ضد هذه الأرض

المرة الوحيدة ف التاريخ التي تحالف فيها العسكر والإسلاميين والكاثوليك والأمريكان لإرتكاب إبادة جماعية كانت علي الأرض التي يزورها أوباما حاليًا..أكبر حزب شيوعي في العالم خارج الدائرة الروسية -الصينية كان موجود في إندونيسيا..حزب PKI وهو أقدم حزب شيوعي في آسيا وله أدوار وطنية في مقاومة الاستعمار الهولندي ثم الاحتلال الياباني ثم التحرر من جديد من قبضة ملك هولندا..الحزب سنة 1954 كان يضم عدد أعضاء لايتجاوز الألف وفي سبتمبر 1965 كان يضم 3,5 مليون عضو..
محاولة انقلابية أسفرت عن قتل 6 جنرالات نسبتها الحكومة الاندونيسية في التاريخ المذكور لأعضاء الحزب الشيوعي، فتحت باب جهنم بقيادة الجنرال سوهارتو بالتعاون مع المنظمات الإسلامية الأكثر نفوذًا في جاكرتا..بانصر: الجناح شبه العسكري لمنظمة الشبيبة ‘‘أنصور‘‘ التابعة لمنظمة ‘‘نهضة العلماء‘‘، الذي يضم حاليًا قرابة 520 ألف عضو منهم 170 ألف في جاوة الشرقية، يرتدون زي مماثل للقوات الخاصة الاندونيسية Kopassus، ثم ‘‘الجمعية المحمدية‘‘ استنفروا كامل أعضاءهم للقتال ضد الكفار، وتبعهم هاري تيجان رئيس الحزب الكاثوليكي بالتأييد، ومن خلفهم كان دعم الإدارة الأميركية المطلق شريطة أن يتم الأمر بسرعة وكفاءة عالية..
وهو نفس الشرط الذي وضعه جيرالد فورد وكيسنجر لسوهارتو بعد 10 سنين لما اندونيسيا احتلت المستعمرة البرتغالية تيمور الشرقية، بعد أيام من زيارة خاطفة قام بها فورد إلي جاكرتا، وبتواطؤ تام من كل الحكومات الغربية، حتي تلك التي سقط منها ضحايا في الأيام الأولي للغزو الذي خلف عشرات ألوف القتلي..استراليا وبريطانيا سكتوا تمامًا عن قتل صحافييهم الخمس المعروفين ب Balibo Five علي يد الجيش الإندونيسي لضمان إسكات أي صوت ينقل الحقيقة.
جاوة الوسطي والشرقية وبالي كانت معاقل الحزب الشيوعي الأكبر سنة 1965 ومنها بدأ القتل..كل الوسائل تم استخدامها السيوف لقطع الرقاب، والدفن بالحيا، والإعدام من الخلف بالرصاص كان الأكثر شيوعًا..شهور من القتل والنتيجة نصف مليون قتيل..ترفض حتي الآن اندونيسيا الإقرار بمسئوليتها عن إبادتهم..وتلاحق حتي من يحاول التعريف بما طالهم..جوشوا أوبنهايمر أراد التقصي عما جري، تعريف العالم بحقيقة مجزرة لا يراها إلا كعرض جانبي لانتصار ‘‘العالم الحر‘‘ في الحرب الباردة، وتوفير فرصة نادرة للضحايا للقاء جلاديهم..تعرض والشهود لشتي أنواع التهديدات من الأمن الإندونيسي، دون أن يمنعه ذلك من إنتاج الوثائقي الأشهر The Look of Silence..
أوباما بيتفسح في بالي وغالبًا داس في طريقه إلي الشاطئ علي كثبان تحوي رفات عائلة شيوعية جري قص رقاب أفرادها في ديسمبر 1965، بناء علي القوائم التي سلمتها السفارة الأميركية في جاكرتا للجنرال سوهارتو بأسماء الشيوعيين غير المعلومين لدي السلطات، وبسلاح أميركي جري شحنه سرًا عبر الجو، وبعد الانتهاء من دفنهم في مقبرة جماعية، اتصل الظابط المكلف بالجنرال المشرف عبر أجهزة الاتصال الأميركية لطمأنته علي نجاح المهمة بكفاءة وبسرعة.
وبمناسبة إن ده شهر يونيو، شهر النكسات المصرية في بدايته ومنتصفه ونهايته، ف الظلم عادي بيقوم الدول، ومفيش حاجة اسمها لعنة الدم..نصف مليون قتبل هضمهم التاريخ عادي، وقاتلهم الجنرال سوهارتو خرج من السلطة باستقالة سنة 98 إثر احتجاجت شعبية علي الأداء الاقصادي، وبثروة 15 مليار $، ولف علي كام محكمة في الطريق، وبدل أن يُدان كسب حكم ضد التايم الأميركية لإتهامات بالفساد وتعويض 62 مليون سترليني قبل أن يُلغي الحكم من أعلي محكمة إدارية في جاكرتا بعد كام سنة.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.