قصة حبهما كانت أسطورية..والد الأمير فيليب كان أمير يوناني يُدعي أندرو، وأمه أميرة دانماركية تُدعي أليس..وانتهي الحال بهم جميعًا مشردين في فرنسا بعد إجبار العسكريين الملك كونستانتين علي التخلي عن عرشه..أسرة فيليب المرتبطة بنسب مع الأسرة المالكة البريطانية جري تهريبها بواسطة البحرية الملكية، فيليب كان موضوعًا في صندوق برتقال..أوصلهم الإنجليز لباريس..وبدأت أسرة فيليب حياة في منتهي التعاسة..فيليب دخل مدرسة، لم يكن يمتلك حتي معطفًا، فيجلس منزويًا حتي اشتري له معلمه واحدًا..أمه بدأت تُصاب بتهيؤات عن رؤيتها للمسيح، صُنف مرضها ك ‘‘انفصام في الشخصية‘‘ ثم احُتجزت في مصح أمراض عقلية، وبدأ الأب يلعب بديله..وبين أم مريضة وأب لعبي..ضاع فيليب..وانتقلت وصايته لخاله وكان أحد الأمراء الإنجليز.
فيليب انتقل للدراسة في ألمانيا..في مدرسة رائدة يديرها يهودي..هتلر صعد للسلطة..هاجر المُدرس لاسكتلندا ومعه فيليب، بينما بقيت أخوات فيليب في ألمانيا..كن متزوجات من ألمان، علي علاقة وثيقة بدوائر العسكرية والمخابرات النازية..فانقطعت صلته بهن..أخته المقربة إليه توفيت لاحقًا بالسرطان، والوصي عليه كذلك..فانتقلت وصايته للورد مومباتن، الذي زكاه لدخول البحرية..أصبح ظابط بحري في عز اشتعال الحرب العالمية الثانية، حتي إذا بدأت الحرب..قدم أسطول يحمل الملك جورج وصغيرته ذات ال 13 عام الأميرة إليزابيث..شاهدهما فيليب..غادر أسطول الملك، فاستقل فيليب قاربًا ولاحقهما في عرض المانش..للتحية طبعًا..دارت الحرب وانتقل فيليب من مكان لآخر..حتي انتهت وهو في طوكيو، وعاد ليجدد ذكري الحب الأول..مدفوعًا برغبة اللورد مومباتن في تقريبه من نسب يعوضه مآسي الماضي.
وقعا في غرام أحدهما الآخر..وهنا الحماة تظهر..مينفعش..أم فيليب مجنونة..غيّر مذهبه وصفته الملكية اليونانية وغير لقبه ل ‘‘مومباتن‘‘..مش كفاية..مومباتن نفسه اشتراكي متعصب وقد يكون فيليب وسيلته لتغيير الحكم في بريطانيا..الملك جورج كان معجب بالظابط والابنة تكفلت بإقناع أمها بالفتي الوسيم الذي أحبته من أول نظرة..وتم الزواج الذي مرّ عليه بالأمس 70 عام، ونقل فيليب من متشرد بلا معطف، ونسب لأب سكير وأم مجنونة، وصلة رحم بأخوات متزوجات بنازيين، وظابط بحري عادي، إلي زوج الملكة..القصة كلها شاهدتها في فيلم فرنسي، أذاعته قناة العربية مترجمًا بعنوان ‘‘ظل الملكة‘‘..بدأت أحب الإنجليز..فسعيت لمادة تليفزيونية أخري..وجدت الجزيرة الوثائقية تنتج فيلمًا عن ‘‘تشرشل‘‘ بعنوان ‘‘كلب تشرشل الأسود‘‘.
قصة صعود درامي لإبن من سلاسة أرستقراطية..وضعه أبوه وزير المالية اللورد راندلوف في مدرسة داخلية، وكان يبكي في خطاباته لأمه التي يفتقدها..وكلاهما يهمله..ولا يحظي إلا بزيارة واحدة في العام..أبوه كان يعتقد بأن ونستون مجرد طفل فاشل فألحقه شابًا بالسلك العسكري لمداراة الخيبة..ونستون لم يكره والده يومًا، وكان يحتفظ بكل صوره ومقالاته وخطبه وقت أن كان نائبًا برلمانيا قبل أن تقضي مغامرة غير محسوبة علي مستقبله السياسي..وكانت غاية أمله أن يحقق إنجازًا يذهب به لوالده ليمحي عنه انطباع الفشل..القدر لم يمهله..توفي الأب..ولم يشاهد وينستون وزيرًا للحربية..اعتقد تشرشل أنه بلغ نقطة المجد قبل أن تطيح به مغامرة عسكرية في مضيق الدردنيل كلفت الحلفاء خسارة 100 ألف جندي عام 1915 من منصبه، أصيب باكتئاب حاد، لم يغادره حتي وفاته..وتعايش معه بالرسم..قبل أن يستعيد عافيته السياسية ويقود بريطانيا للنصر في الحرب العالمية الثانية.
كنت متأثر برومانسية فيليب وإليزابيث، وكفاح السير تشرشل..المملكة المتحدة طلعت لطيفة شوية أهي والواحد ممكن يحبها شوية..صادفت بعد عدة ليال كتاب بعنوان Poverty and Famines لأمارتيا سن..وانا أحب اقتصادي نوبل ذو الأصول الهندية بشدة..رغم أني لم أقرأ له سوي كتابين فقط ‘‘التنمية حرية‘‘ والهوية والعنف‘‘ وبعض الدراسات ع الماشي..أحب كل ما يكتب وقصصه اللطيفة عن صداماته الأولي مع المجتمع اللندني الذي وفد إليه طالبًا للاقتصاد مطلع خمسينات القرن الماضي، خصوصًا قصته مع صاحبة المنزل التي كانت تخشي أن يزول لون بشرته البنية بمجرد استخدام الصابون أثناء الاستحمام..فاضطر أن يشرح ‘‘إن ده لون بشرتي يا مدام، ومبيروحش بالغسيل..اطمني واهدي بقي..ها اهدي‘‘..وبدأت في قراءة الكتاب طبعة أوكسفورد 1981..لكن مقدرتش أعدي نص فصل من غير ما أنام..رغم إني كنت نايم قبلها 8 ساعات علي خلاف عاداتي في النوم التي لا تزيد خلال آخر 5 سنوات عن 4 ساعات يوميًا.
اكتفيت بقراءة سريعة لجزئين فقط..The Great Bengal Famine..Famine Morality وعقلي توقف بعدهما عن استيعاب أي حرف تقريبًا..وده أسوأ شعور ممكن أن تبدأ كتاب ولا تنهيه، أشبه ما يكون ب ‘‘أنا عايش ومش عايش‘‘..خرجت من دوامة الشعور القاتل بخيانة سن وخيانة مبادئي مستعينًا ب5 قطع من البسبوسة وقطعتي كنافة في ال10 مساء وفنجان قهوة، التزامًا بقواعد الدايت التي تمنعني من طلب أوردر مشتملًا علي 6 صدور دجاج و2 رز ريزو..وبدأت قراءة منفصلة عن مسئولية تشرشل المباشرة عن المجاعة..ولك أن تتخيل أن تشرشل أمر بنقل مخزونات البنجال من الحبوب لخدمة القوات البريطانية والسكان في المنطاق المحررة..بينما كان البنغاليون يتضورون جوعًا.
ولك أن تتخيل ثانية أنه أمر بحرق كل السفن علي طريق نقل الحبوب الهند-استراليا، ثم أنه قال في لقاء جمعه بالسير أريشبولد وافل ‘‘نائب التاج الملكي في الهند‘‘ وليبولد أمري..بأنه يفضل إنقاذ شعوب متحضرة كاليونان عن الهند، ثم قال بأنه ‘‘يكره الهنود، لأنهم حيوانيون، حتي أنهم يعبدون الحيوانات، وهم المسئولون عن مجاعتهم لأنه يتكاثرون كالأرانب‘‘..استعلاء إنجليزي وقح لا يضاهيه وقاحة إلا استعلاء مماثل من وزير الخزانة البريطانية تشارلز تريفيان تعقيبًا علي مجاعة البطاطس الأيرلندية في القرن ال 19 بأن سبب المجاعة ‘‘ أن المرأة الأيرلندنية لا تجيد من فنون الطهي سوي سلق البطاطس‘‘..تشرشل تسبب في موت 4 ملايين بنغالي جوعًا عام 1943..ماتوا في صمت، قبل أن تتسبب السياسات الكولونيالية البريطانية في مقتل 50 ألف كيني من التعذيب والتجويع والعمل بالسخرة في مخيمات اعتقال ضمت 400 ألف وكان ذلك في أوائل ولاية الشابة إليزابيث ملكة علي بريطانيا.
استفقت سريعًا من جرعة الرومانسية المباغتة والكفاح الصاعق للتاج الملكي و10 داوننج ستريت..وعدت سالمًا لأدراجي كارهًا لكليهما ولكل مخرجات السياسة البريطانية الخارجية في فترة الاستعمار وما تلاها..وإن شالله فيليب يكون شحات وإليزابيث تقبله، أو تشرشل أبوه كان بيكويه بسيخ محمي في صرصور ودنه..ستستمر الكراهية أيضًا..منفصلة عن تقديري لتجربة الاندماج البريطانية التي تفوق بأشواط جودة نظيرتها الفرنسية والألمانية وللبريتش أكسنت اللطيفة..ثم عوضّت إفسادي لبوست رمانسي كان ليضارع بوستات صفحات همسة وعتاب ولمسة وما علي شاكلتهم..واستمتعت لفيروز تشدو ‘‘والوردة الحمراء هل كانت سوي لون الجراح..أو نشوة لهافة حرمت علي الحب الصراح‘‘ أدام الله صوتها ووجودها ولا حرمني يومًا طلتها الصباحية علي إذاعة الإغاني.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.