دانو..فتاة سيرلانكية تعرضت للاغتصاب علي يد الجنود

دانو..فتاة سيرلانكية تعرضت للاغتصاب علي يد الجنود الهنود عام 1989..دانو، اختصار لاسمها الكامل ثينموزاهي راجترمان، كانت تعيش في منطقة راجفين التي يسطير عليها متمردو التاميل.. أقلية التاميل الهندوس تعرضت للتهميش من قبل أغلبية السنهاليين البوذيين منذ استقلال سيرلانكا..مطالبهم كانت الاعتراف بهويتهم اللغوية وخصوصيتهم الدينية..لم يحدث..حقوق الجنسية سُحبت من عشرات ألوف التاميل..أسوأ من ذلك..رئيس الوزراء المنتمي للجناح اليساري في الحزب الحاكم، مرر تشريعًا سنة 1959 يقضي بأن السنهالية هي اللغة الرسمية..اندلعت صدامات وقُتل مئات التاميل..باندارنيكي عدل قراره السابق جزئيًا بأن سمح للتاميل باستخدام لغتهم في مناطق كثافتهم السكانية، يمر الموضوع؟ أبدًا..رئيس الوزراء فتح بيته في عادة سنوية لسماع شكاوي المواطنين..دخل عليه راهب بوذي يُدعي ساموراما..أدي التحية لرئيس الوزارة ثم فتح عليه النار..مرددًا..الوطن، القومية، الدين.
القمع يولد الانفجار وهو ما كان عام 1983..بدأت حركة نمور التاميل مسعاها الانفصالي بالقتال ضد الحكومة المركزية في العاصمة كولمبو..أكبر الداعمين كانت السيدة أنديرا غاندي، رئيسة وزراء الهند..ليس لدوافع دينية، بتقاسمها ونمور التاميل العقيدة الهندوسية، بقدر ما كانت محاولة لعقاب سيرلانكا علي تقارب ملموس مع إسلام آباد..أنديرا أخطأت التقدير عندما أصدرت أوامرها بفض اعتصام السيخ في معبد أمريتسار..أطلق عليها أحد حراسها السيخ النار انتقامًا ل 500 قتيل أثناء الفض علي يد الشرطة الهندية..خلفها الابن راجيف الذي تبني مقاربة مختلفة تجاه الحرب الأهلية السيرلانكية..الوساطة بين السنهاليين والتاميل..نجح في إبرام اتفاق مع الحكومة عام 1987 يقضي بإرسال قوات حفظ سلام هندية لمناطق التاميل لنزع سلاحهم ودمجهم في عملية سياسية...قوات حفظ السلام الهندية تحولت لطرف في الصراع عندما هاجمها متمردو التاميل بعد رفضهم نزع السلاح، مئات القتلي من الجيش الهندي وأضعافهم من التاميل..تقول الرواية..بأن زعيم متمردي التاميل برابهاكاران كان يجلس في مخبأه، حينما أتت إليه فتاة تشكو مقتل أربع من إخوتها علي يد الجيش الهندي ثم اغتصابها.
تجمع حاشد لحزب المؤتمر عام 1991..تتقدم إحدي الفتيات لتحية راجيف غاندي، تنحي لتضع باقة من الورود أسفل قدميه كما تقضي العادة الهندوسية، تضغط علي زر، ينفجر حزامها الناسف..يلحق راجيف غاندي بأمه..دانو كانت الفتاة الانتحارية..نفذت مهمتها بأوامر من زعيم التاميل، بينما ساعدها في عبور الحدود والتجهيز بالمتفجرات سبع أفراد بينهم سيدتان..الخاص والعام اجتمعا..دانو ثأرت لنفسها ولقضيتها من الهند..الدعاية الهندية في مرحلة لاحقة نفت قصة الاغتصاب كمسوغ للتفجير، الأمر المخزي أن أدلة النفي تراوحت بأنها ليست الفتاة التي اغتصبها الجنود، أمها كانت الضحية، أو أن الجريمة لم تقع أصلًا، بل اكتفي الهنود فقط بقتل 4 من أسرتها..المحصلة..انسحبت الهند من مهمتها الفاشلة..وبدأ الطور الثالث من سياساتها تجاه الحرب السيرلانكية..بدأت مؤيدة للتاميل، ثم انصرفت إلي الوساطة، وها هي تنسحب من أدوارها تاركة المهمة لوسطاء آخرين مع ميل لإنهاء تمرد التاميل..اغتيال غاندي فتح باب الجحيم..رصاص التاميل طال الرئيس السيرلانكي بيرمادسا، ثم لحقه صريعًا وزير الخارجية كاديرجامار وبينهما محاولة اغتيال للرئيسة كامارتونجا بسيارة مفخخة.
القوميون السنهاليون مضوا في طريق أوحد..الاستئصال..قصف للمدنيين، المستشفيات، تعذيب وقتل..وقف إطلاق نار في 2002..يفشل..تعود الحكومة لأساليب أشد..لا مجال للمساومات..سقط 80 ألف قتيل كان آخرهم زعيم متمردي التاميل برابهاكران، أحد المطلوبين علي قوائم الإرهاب الأميركية والأوروبية..أعلنت كولومبو إثر ذلك انتصارها رسميًا وأعلنت الحركة استسلامها..37 عام قضتها سيرلانكا في أطول حرب أهلية آسيوية، انتهت علي غير المتوقع، بسيناريو متفرد عن الكولومبي والأوغندي..السحق والاستئصال، لا تسويات ولا مفاوضات..الحرب الأهلية بمخرجاتها مؤسفة، لكن ما هو أكثر مدعاة للأسف، ما نشرته الجارديان عن فيلم وثائقي هولندي يحكي عن شبكات تهريب الأطفال في سيرلانكا خلال الثمانينات.
شبكة من الأطباء والممرضين عملت كوسيط لوكالات التبني الغربية..اختطفوا الأطفال من أمهاتهم، أجرّوا أمهات بديلة، أوراق مزورة جاهزة لاثبات النسب الوهمي، ثم موافقة علي التبني، فيذهب الطفل إلي أوروبا..عملية معقدة أسفرت عن سرقة 11 ألف طفل، تبناهم الأوروبيون، ولهولندا النصيب الأكبر بأربعة آلاف طفل ..حدث هذا في وقت تمزع فيه المجتمع مع استعار الحرب الأهلية في الثمانينات..وهي فجيعة أكثر إيلامًا بالنسبة لي من ويلات الحرب التقليدية..الاستفادة الأوروبية من مناطق النزاع كانت علي الدوام قاصرة علي بيع السلاح للأطراف المتنازعة أو النمط الأكثر شيوعًا بنهب الموارد الطبيعية..الماس في ليبيريا وسيراليون نموذجًا..لكن أن يمتد الاستغلال لسرقة البشر أنفسهم، الأطفال، بوثائق مزورة، وشبكة من أطباء وممرضي التهريب، فذلك فوق أقصي مستوي التوقعات لما يمكن للنفس البشرية أن تبلغه من حقارة..11 ألف إنسان في العقد الرابع من العمر، سيبدأوا من الآن معاناة جديدة للبحث عن أسرهم الأصلية..وتلك مأساة أخري..وكأن الحرب الأهلية وحدها لم تكن تكفي.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.