أنيس منصور

أنيس منصور كان ماشي في جنازة ابن توفيق الحكيم، ف سمع حسين مؤنس يخاطب الحكيم سائلًا: كيف حالك اليوم يا أستاذنا، ف رد الحكيم..شعور من لديه عاهة وسوف يعيش بها حتي الموت..بعد عام سار الثلاثي في نفس الصف، لكن المناسبة مختلفة، جنازة ابن حسين مؤنس الذي أنهي حياته شنقًا..الحكيم سأل مؤنس تلك المرة..كيف حالك يا حسين..ف رد..كله مضي، كله تبدد، العمر لم يعد له معني..الحكيم التفت لمؤنس: لا العقاد ولا لويس عوض عندهم ولاد ولا بنات، ربنا ريحهم من وجع القلب..العقاد عنده كلب، ولويس عوض مربي 100 قطة في البيت..
فاكر الحكاية دي..أظن من أيام استضافة صفاء أبو السعود لأنيس منصور في برنامج ساعة صفا..ومجاش في بالي غير عتاب تخيلي للحكيم، علي التقليل من الارتباط المعنوي بقطة أو كلب..يمكن وفاة قطة واحدة كان صادم للويس عوض، صدمته في مادلين، ابنة أخته منيرفا، لما جاءت تخبره برغبتها في الخروج من الإسلام للمسيحية، بعد زواجها بمهندس مطابع يُدعي المصيلحي، فما كان منه إلا أن عاتبها بشدة علي الألم الذي ستسبب لزوجها المسلم الذي سُيعير بها، بعد الألم الأول الذي سببته لأبيها وأمها باعتناق الإسلام..يمكن..والأكيد أن فقدان العقاد لكلبه بيجو كان موجع للحد الذي دفعه لرثاءه في قصيدة ‘‘وكلما ناديته ناسياً، بيجو! ولم أبصر به آتيا، مداعباً مبتهجاً صاغياً، قد أصبح البيت إذن خاويا، لا من صدى فيه ولا من سميع ‘‘..
الحياة طول عمرها تبدأ مني وتنتهي إليا، لا اهتم بشيء وربما شخص، إذا ما تقاطع سلبًا مع روتيني المقدس أو علمني الاتكالية عليه في مصادر سعادتي وحزني..بأفتح باب الشقة لقيت قطة رجلها مكسورة، مكنتش فاهم في البداية سبب الأنين، فكرتها عطشانة، وضعت أمامها صحن مياه، آخر اليوم بأبص لم تشرب ولم تتحرك من سكونها علي جنبها، نزلت بها علي جار، ورجوته يشوف مالها، اتخض من خضتي، وضع لها مرهم، وأخدها لمستشفي صباحًا، صحن المياه اجتذب قطة أصغر، وضعت صحن آخر فيه لبن، بدأت العشرة بيننا، وبدأت أضع بواقي طعام،العشرة تقوي، ولا صباح يبدأ ولا مساء ينتهي دون أن أطمئن علي أكلها وشربها..العدد بقي 3، والجيران يشتكوا من غزو قطط الشارع للعمارة بسبب الأكل اللي بأحطه، خدت أصغرهم ربتها عندي..وقررت أمس أن أضم إلي العائلة قطتين إضافيتين..
مع مرور الوقت اكتشفت إني أنا من يحتاج إلي القطط، هي اللي خلتني أحس إن لسه في منطقة في النفس قادرة علي الاهتمام والعطاء، أن الحياة أكبر من أن تعيشها لذاتك، وأن السعادة يمكن أن تستمد من نظرة تحسسك بالامتنان لما قدمت ولو كان كوب ماء..وأعتقد جازمًا أنه نفس الاحتياج المعنوي الذي يدفع الناس للإنجاب..القطط ‘‘أنسنتني‘‘ وده شئ لم يفلح فيه بشر..بس من ألطاف الله أن القطط لن تشعر يومًا بضعفك ولا اعتماديتك عليها، ربما وقتها كانت تصرفت كالبشر..تفرض شروط جديدة من موقع قوة، تهدد بالرحيل كلما واتتها فرصة، وربما ترحل بالفعل، تاركة ما لا يمكن مداواته..أسمي الأولي ‘‘لطيفة‘‘ والثانية‘‘مارلينا‘‘ نسبة إلي المغنية الأبرز في فترة ما بين الحربين ‘‘مارلينا ديتريش‘‘.

هناك تعليق واحد:

يتم التشغيل بواسطة Blogger.