الحب في الهند

في قصة حب لطيفة في الهند سنة 2015..سيدة من ولاية أوتار باراديش رفضت الزوج الذي أُجبرت علي الارتباط به قسرًا، حبّت شاب اسمه رافي وهربت معه..الحلو ميكملش..محكمة محلية حكمت علي أختي الشاب رافي، مانكاشاي 23 سنة وباجباتي 15 سنة، بالإغتصاب ثم طلاء وجهيمها بالأسود ثم تعليقهما عراة لمدة 10 أيام علي جذع شجرة..الهندوسية تمتاز بنظام طبقي يُدعي فارنا..يُعتقد ان الآريون أول من صنعوه لبسط نفوذهم علي ذوي البشر السمراء ‘‘الدرافيديون‘‘..الطبقات -كما يرد في كتاب تراثنا الروحي: من بدايات التاريخ إلي الأديان المعاصرة لمراد مسعودي- تنقسم إلي التالي..الأولي المكونة من العلماء تُسمي البراهمين، والثانية المكونة من النخب العسكرية تُدعي كشاتريا، الصنايعية والحرفيين في الطبقة الثالثة المسماة فايشيا، شودرا هي الطبقة الرابعة ومخصصة للفواعلية المكلفين حصرًا بالمهام الشاقة..من بطن تلك الطبقة وُلدت طبقة الحقراء أو الأنجاس..كل التسميات صالحة هندوسيًا لوصف المنبوذين المسكونين-بحسب العقيدة الهندوسية- بروح شريرة..لذا لا تُعهد إليهم إلا الأعمال القذرة..الدستور يعترف بحقوقهم ويلغي تصنيفهم كمنبوذين أو ‘‘داليت‘‘ أو ‘‘هاريجان‘‘.. لكن شعبيًا لا يُسمح للطبقة ‘‘الحقيرة‘‘ بمخالطة الطبقات الأعلي، زيارة ذات دور العبادة مثالُا..ما بالك لو تعلق الامر بزواج..مشكلة رافي أنه كان ‘‘داليت‘‘ بينما حبيبته من طبقة أعلي ما استوجب التنكيل بأختيه انتقامًا منه وإرضاء للآلهة حتي لو نشرت منظمة العفو الدولية عريضة تضامن وقعها 16 ألف شخص وتبنتها التايم الأميركية..منصب الرئيس في الديمقراطية البرلمانية الهندية شرفي، لكن يبقي حامله مُعبر عن رسالة سياسية ما..تسامح ديني مثلُا عندما يشغله المسلم فخر الدين آزاد أو أبرز رؤساء الهند عبر تاريخها أبو بكر عبد الكلام أحد أكبر صناع برنامج الفضاء الهندي..قبل أيام آل المنصب لأحد أفراد طبقة الداليت المنبوذة..تم انتخاب راث آل كوفند رئيسًا للجمهورية..والرسالة هنا تعزيز مكانة المنبوذين..المأساة أن ده ثاني رئيس للهند من المنبوذين بعد رامان ناريان ورابع فرد من الداليت يصل لمنصب سياسي رفيع بعد عضو المحكمة العليا كي.جي.بالاكريشنان، وميرا كومار المتحدثة باسم الغرفة السفلي للهيئة التشريعية عام 2009..لكن الوضع لم يتغير لتلك الطبقة شعبيًا رغم محاولات الدمج الحكومي الشحيحة..مجزرة 91 في تسوندور بارديش تكررت في 29 سبتمبر 2006 في كيرلانجي والضحايا علي الدوام داليت..المأساة الأخري أن لا بشائر بتغييره لأن الحكومة الحالية مشكلة من حزب هندوسي متعصب ‘‘بهارتيا جاناتا‘‘ لن يستخدم المنبوذين إلا كحصالة لتجميع أصوات إضافية..أما الفجيعة فهي أن المنبوذين في القطاع الأعرض منهم، ولكونهم متدينين هندوس، شايفين أنهم لازم يبقوا خدم..يقضوا أعمارهم في تنظيف المراحيض العامة وإزالة روث البهائم زي الحاج مرزوق السوالمي كلاف البهايم عند رفيع بك العزايزي، وهذا ما يصعب أصلًا أي حركة حقوق مدنية للداليت حتي لو كانت بنت لحظة عملاقة كالقصة التي هزت العالم قبل عام بانتحار طالب منبوذ لرفض الجامعة ممارسته أي نشاط طلابي وحرمانه من المساعدة الاجتماعية، فشنق نفسه بعد كتابة رسالة مؤلمة لأنه لم يجد ما يسد رمق أسرته..الهند بلد تناقضات فجة..مبرمجين في سيلكون فالي ونشطاء في حماية الأبقار يقتلوا المسلمين علي نواصي الشوارع..أكبر ديمقراطية تمثيلية في العالم وموطن نظام طبقي انتهي من تاريخ البشرية..لكن نجحت رغم كل بشاعاتها في تقديم نفسها كنموذج ثقافي بأفلام بوليوود وأبطالها من الحنساوات الراقصات والوسماء كثيفي الشعر الأسود الناعم.. ومكملة !

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.