بول كاجامي وفوزه بالإنتخابات الرئاسية الرواندية

نهارده بول كاجامي فاز برئاسة رواندا..رواندا خرجت سنة 1994 من إبادة جماعية أودت بحياة 800 ألف إنسان في 100 يوم فقط..وضعها إيه بعد 23 سنة من الإبادة؟ 8% نمو في الاقتصاد بحسب البنك الدولي، الدولة رقم 50 علي مستوي العالم والثالثة إفريقيًا علي مؤشرات الشفافية الدولية لمكافحة الفساد..مصر ال 7000 سنة حضارة فين؟ المركز 108..المرتبة التاسعة علي مستوي العالم كأكثر المدن أمانًا بعد ما كان سكانها التوتسي تُقطع رقابهم بالسواطير علي الأرصفة..رواندا أيضًا في المركز 56 علي مؤشر قياس أنظمة أنشطة الاعمال الذي يصدره البنك الدولي والمعني بقياس قدرة الدولة علي توفير بيئة مواتية لبدء وإدارة شركة محلية..أم الدنيا فين سنة 2017؟ المركز 122.. كاجامي وصلها للنقطة دي ازاي؟ صرف علي التعليم 17% من الميزانية وأمد طلاب المدارس ب 100 ألف لابتوب ضمن خطة One Laptop per Child وفي السنوات الخمس المقبلة سترتفع إلي 500 ألف لابتوب..مصر تخصص أد إيه من ميزانيتها للتعليم..4% بما يعادل 120 مليار جنية اقتطعت منهم الحكومة 40 مليار في 2016 مساهمة من الوزارة في سد عجز الموازنة لتنخفض المخصصات ل 81 مليار فقط..رواندا وضعت 90% من سكانها في نظام تأمين صحي وعليه انخفضت نسبة الوفيات نتيجة لبعض الأمراض الشائعة كالملاريا بما يعادل 85%..حتي في مجال التمثيل السياسي للمرأة سبقت رواندا كل دول العالم حيث تحوز السيدات 64% من مقاعد البرلمان..
كاجامي الفائز بالانتخابات رغم كل ما أنجز لكن يبقي نموذج مستبد..انتخابات صحيح بس هو من يتحكم في المنافسين له علي المنصب، بعد إقصاء كل شكل ممكن لمعارضة محتملة يُمكن لها الوصول للسلطة، بأدوات شديدة الترهيب، والدولة كلها تعمل كماكينته الحزبية والدعائية..وما يجعل العالم يغض الطرف كثيرًا عن تدني جودة الحياة السياسية الرواندية بل يندفع زعماءه لكتابة مقالات إشادة بالتجربة الرواندية كتوني بلير في الجارديان..إنها ما زالت تتلمس من الأساس خطواتها الأولي نحو بناء دولة بعد الإبادة العرقية الأسوأ في العالم بعد الحرب العالمية الثانية..والحاجة هنا لنموذج المستبد المستنير ربما تكون مطلوبة..شيء أقرب ما يكون للنموذج السنغافوري القائم علي قيادة أبوية للي كوان الذي نجح في بناء بلاده من أرض قاحلة لا تستطيع لحظة تأسيسها الاعتراض علي إهانة يوجهها جندي ماليزي في الأمن السنغافوري لقادة البلد الجديد بعد سحب الإنجليز قواتهم، إلي ما صارت عليه الآن..ورواندا بالفعل علي الطريق خلال العشرية القادمة لتكرار التجربة السنغافورية في إفريقيا كما يقول د:حمدي عبد الرحمن حسن أستاذ الدراسات الإفريقية..المأساة إننا حتي لم نستطع صناعة نموذج المستبد العادل ك بول كاجامي يمكن كنا قدرنا نبتلع اضمحلال مؤشرات الحريات السياسية..الدولة المصرية ما هي إلا آلة قتل حرفيًا يديرها ثلة من الفاسدين ، والقمع هنا (الذي يفوق مليون ضعف رواندا) ليس وسيلة سوي لتعزيز مكاسب شبكات المنتفعين..الإخوة الدولجية اللي بيتكلموا عن مصر كشبه دولة في محاولة لتبرير الانحدار العام في كل المؤشرات..بص لرواندا شوية..خرجت من إبادة لم يعرفها الكوكب بعد الحرب، خرجت لا تعرف فكرة الدولة من أساسه..وشوف منجزها في عمرها الأقل من مدينة السادات، والأهم ما بإمكانها تحقيقه..ثم تحسر علي مصر التي جعلها 60 عام من الحكم العسكري أكثر تخلفًا من رواندا علي مقاييس بعض المؤشرات الدولية، الذي جعل مصر أصلًا في محل مقارنة مع رواندا، قد تخسرها علي صعيد المؤشرات الكلية بعد عقود وربما سنوات..احنا بنضمحل لدرجة إننا في يوم هنسيب المقارنة مع أوروبا، وتصبح المقارنة بالاقتصادات الناشئة في إفريقيا محض ترف.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.