سلطنة عمان

سلطنة عمان..الدولة التي بدأت منبوذة عربيًا بعد انقلاب (انتفاضة) 1970..عندما جاء الدكتور عاصم الجمالي لتقديم طلب رسمي بانضمام عمان للجامعة في مارس 1971، تم التعامل معه ببرود، رغم الجولات التمهيدية التي قادها الشيخ سعود بن علي الخليلي قبل ذلك لإذابة الجليد بين عمان ومحيطها العربي..رغم ذلك تأجل النظر في الطلب إلي حين تجاوز الرفض السعودي بعد ذلك ب 6 أشهر..الرياض امتنعت، لاحقًا في نفس العام، عن تأييد طلب انضمام السلطنة للأمم المتحدة في الجمعية العامة، ولم تجد لها سندًا من بين 131 دولة سوي كوبا..السلطنة التي لن تنسي تاريخيًا وقوف إيران إلي جانبها في وأد ثورة ظفار حين تجاهلت الدول العربية- باستثناء الأردن- دعوات مسقط لتوفير مظلة عربية عسكرية لحسم الصراع، واكتفت الجامعة بدلًا من ذلك بدور الوساطة بين مسقط وعدن كرد علي الشكاوي العمانية مما لحق بقلعة حيروت..عُمان الدولة التي حسمت خياراتها السياسية من النشأة لصالح الانتماء العربي، دون أن تتجاهل مخاوفها بأن تتحول مظلة مجلس التعاون لأداة هيمنة سعودية، فاختارت الوقوف علي مسافة واضحة من مشاريع الإندماج (الاتحاد الخليجي ومشروع الوحدة النقدية)..الدولة التي انحازت لحقائق التاريخ والجغرافيا بحتمية التعامل مع إيران، دون أن تمنعها العلاقات المتنامية مع الضفة المقابلة لمضيق هرمز من الحفاظ علي علاقات متوازنة مع بغداد، أو أن تمنعها حقيقة كونها أول من أطلق الدعوة لتعزيز التعاون الدفاعي الخليجي، من توقيع اتفاق تعاون دفاعي مشترك مع طهران في 2010 وإجراءات مناورات بحرية مشتركة في المحيط الهندي..السلطنة ابنة الظرف التأسيسي المركب، والخبرة التاريخية المتنازعة بين قوتين، والجغرافيا المتصلة بعالمين متناقضين قيميًا..حجزت لنفسها من البداية دور أوحد: الوساطة..لا سقوط في دوامة الاستقطابات..تقطع الدول العربية علاقاتها بمصر بعد كامب ديفيد، فتحافظ عليها السلطنة..تتعرض طهران لمقاطعة خليجية، فتقود مسقط مبادرات رأب الصدع ..تندلع الحرب بين طهران وبغداد فتقف مسقط في المنتصف بعيدًا عن محاولات الرياض جرها لبؤرة المواجهة، وتقيم قنوات اتصال سرية بين الطرفين..لو هناك دولة مؤهلة بعد الكويت وقبل تركيا لتقديم نفسها كوسيط في الأزمة القطرية-الخليجية ستكون السلطنة المتمرسة منذ تأسيسها علي هذا الدور حصرًا..مستقبل هكذا عروض للوساطة متوقف أولًا وأخيرًا علي قبول الرياض مبدأ الوساطة، ثم المرونة السعودية في تخفيض الثمن المطلوب من الدوحة وهو أمر محل شك قياسًا علي التدابير السعودية التي يبدو من ظاهرها أنها مُعدة لحيز زمني طويل من الحصار، يرفع بشكل حاد الكُلفة الاقتصادية علي الدوحة، التي لن تتأثر علي المدي القصير من تبعات الحصار بما لديها من وفورات مالية ضخمة. .أيام طويلة مقبلة من شد الأصابع.

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.